ظهرت معلومات في وسائل الإعلام مؤخرًا مفادها أنه في عام 2024، ستلغي المحكمة العليا مرارًا وتكرارًا أحكام البراءة، في حوالي 50% من القضايا. لقد قمنا بتحليل العديد من قرارات محكمة النقض الجنائية التابعة للمحكمة العليا لمعرفة المخالفات التي كانت أساس الإلغاء والظروف التي تجاهلتها محاكم الدرجة الأولى والاستئناف.
وفي جميع الحالات، اختارت محاكم الدرجة الأولى موقف البراءة، مع التركيز على عدم وجود دليل مباشر على الذنب، أو الطبيعة المشكوك فيها لشهادات الضحايا، أو تفسير النزاع باعتباره قانونًا مدنيًا. وكانت الحجج الرئيسية هي: الفشل في إثبات القصد، وعدم وجود صلة مباشرة بين المتهم والنتيجة الجنائية، وعدم اتساق أدلة الادعاء.
ولكن المحكمة العليا اتخذت موقفا معاكسا: إذ لم تنظر إلى الأدلة بمعزل عن بعضها البعض، بل في مجموعها. وأولت المحكمة العليا اهتماما خاصا لما يلي:
- تقييم دوافع المتهم؛
- السلوك بعد ارتكاب الفعل؛
- التسلسل المنطقي للأحداث؛
- التزام المحكمة بتقديم مبرر لسبب إعلان بطلان بعض الأدلة.
رفضت المحكمة العليا النهج السطحي أو الرسمي لمعيار الإثبات. إذا تجاهلت المحكمة الشهود أو آراء الخبراء أو اعتبرت الحدث "نزاعًا تجاريًا" دون تحليل النية، فسيتم نقض مثل هذا الحكم. دعونا ننظر إلى عدة حالات كمثال.
- القضية رقم 757/24443/19-ك (قرار المحكمة العليا بتاريخ 11/01/2024)
حبكة: اتهام بموجب الجزء الرابع من المادة. المادة 358 من قانون العقوبات بشأن استعمال عقد إيجار مزور عند التقدم بطلب إلى البنك.
سبب البراءة: وخلصت محكمة الدرجة الأولى إلى أن المتهم ربما قدم الوثيقة بالخطأ، دون أن يعلم أنها مزورة، وبالتالي لم تكن هناك نية لاستخدام التزوير.
أسباب الإلغاء:
- ولم تحدد المحكمة من قام بتزوير الوثيقة وفي أي ظروف.
- وفي الواقع، ذهبت المحكمة إلى أبعد من الاتهام، حيث خلقت نسخة جديدة من الأحداث (أفعال خاطئة، ولكن من دون قصد).
- ولم يتم تقييم مجموع الأدلة: وخاصة استخدام التزوير في البنك، وأقوال الشهود، وظروف إنشاء العقد.
وأشارت المحكمة العليا إلى أن المحكمة لا تستطيع صياغة تهمة بديلة بشكل مستقل، ويجب عليها تقديم تقييم كامل للأدلة، بدلاً من رفض الأدلة الرئيسية دون تفسير.
2. القضية رقم 757/24443/19-ك (قرار المحكمة العليا بتاريخ 11/01/2024)
حبكة: اتهام بموجب الجزء الرابع من المادة. المادة 358 من قانون العقوبات بشأن استعمال عقد إيجار مزور عند التقدم بطلب إلى البنك.
سبب البراءة: وخلصت محكمة الدرجة الأولى إلى أن المتهم ربما قدم الوثيقة بالخطأ، دون أن يعلم أنها مزورة، وبالتالي لم تكن هناك نية لاستخدام التزوير.
أسباب الإلغاء:
- ولم تحدد المحكمة من قام بتزوير الوثيقة وفي أي ظروف.
- وفي الواقع، ذهبت المحكمة إلى أبعد من الاتهام، حيث خلقت رواية جديدة للأحداث.
- ولم يتم تقييم مجموع الأدلة: وخاصة استخدام التزوير في البنك، وأقوال الشهود، وظروف إنشاء العقد.
وكما في القضية السابقة، أشارت المحكمة العليا إلى أن المحكمة لا تستطيع أن تصوغ تهمة بديلة بشكل مستقل، ويجب عليها أن تقدم تقييماً كاملاً للأدلة، بدلاً من رفض الأدلة الرئيسية دون تفسير.
3. القضية رقم 727/1633/21 (قرار المحكمة العليا بتاريخ 07.02.2024)
حبكة: يُتهم المتهم بالاحتيال في الحصول على أموال لإصلاحات غير مكتملة.
سبب البراءة: وقضت المحكمة بأنه لم يكن هناك سوى نزاع تجاري بين الطرفين، وأنه لم تكن هناك أدلة كافية على اختلاس متعمد للأموال.
أسباب الإلغاء:
- ولم تقم المحكمة بالتحقيق أو تقييم شهادة الضحية والشهود الرئيسيين.
- لا يوجد مبرر لاعتبار المحكمة شهادة الضحية غير موثوقة.
- إن استنتاجات المحكمة تتعارض مع الأدلة التي تم جمعها.
وأكدت المحكمة العليا: أن المحكمة ملزمة بتبرير رفض بعض الأدلة، خاصة إذا كانت شهادة الضحايا ذات أهمية إجرائية.
4. القضية رقم 214/2506/18 (قرار المحكمة العليا بتاريخ 01.02.2024)
حبكة: تزوير التوقيعات في المستندات الخاصة باستعمال العقارات، مما كان له عواقب وخيمة على الممتلكات.
سبب البراءة: وأشارت المحكمة إلى أنه لم يكن هناك دليل مباشر على أن المتهم ارتكب التزوير، وبالتالي لم تثبت الذنب بما لا يدع مجالا للشك المعقول.
أسباب الإلغاء:
- ولم يؤخذ في الاعتبار رأي الخبراء وشهادة الشهود فيما يتعلق بظروف تقديم الوثائق.
- ولم تدرس المحكمة الاحتمال الفني لقيام المدعى عليه بالتزوير.
- لقد تجاهلت المحكمة فعليا أدلة الادعاء.
وأشارت المحكمة العليا إلى أنه يتعين على المحكمة تقييم الأدلة في مجملها، مع الأخذ في الاعتبار الدافع والوصول إلى الأحداث ومنطقها.
5. القضية رقم 686/7229/20 (قرار المحكمة العليا بتاريخ 01.03.2024)
حبكة: ويتهم المتهم بالتزوير في محررات رسمية بهدف اختلاس أموال الميزانية. قررت المحكمة أن هذا نزاع مدني.
سبب البراءة: ورأت المحكمة أن تصرفات المتهمين لم تخرج عن نطاق العلاقات الاقتصادية، وكان ينبغي النظر في النزاع ضمن الاختصاص الاقتصادي.
أسباب الإلغاء:
- سوء تفسير الإجراءات باعتبارها نزاعًا تجاريًا.
- ولم تأخذ المحكمة في الاعتبار القصد والطبيعة المنهجية للأفعال الرامية إلى تقديم معلومات كاذبة.
- لا يوجد تحليل للوثائق التي تؤكد المعلومات الكاذبة.
وأكدت المحكمة العليا: أن إعلان بطلان الوثائق في الإجراءات المدنية لا يستبعد وجود جريمة إذا كانت هناك نية الاستيلاء على الممتلكات.
6. القضية رقم 127/14157/20 (قرار المحكمة العليا بتاريخ 14/02/2024)
حبكة: إتهام بالسرقة. وقضت المحكمة بعدم موثوقية الضحية، وبرأت المتهمين.
سبب البراءة: وقد قررت المحكمة أن شهادة الضحية كانت متضاربة ومتناقضة، وبالتالي لا يمكن أن تشكل أساسًا لحكم الإدانة.
أسباب الإلغاء:
- وتم تجاهل شهادات شاهدين آخرين، واللذين أكدا جزئيا رواية الضحية.
- ولم توضح المحكمة سبب اعتبار الضحية متحيزا.
- لا يوجد تحليل لتسلسل الأحداث.
وأشارت المحكمة العليا إلى أنه حتى لو كانت للضحية مصلحة شخصية، فإن هذا لا يعد سبباً لرفض شهادته تلقائياً دون تحليل سليم ومقارنة مع أدلة أخرى.
7. القضية رقم 295/8879/21 (قرار المحكمة العليا بتاريخ 23/02/2024)
حبكة: اتُهم المتهم بالتهديد بالقتل بعد شجار مع امرأة.
سبب البراءة: وخلصت المحكمة إلى أن التصريحات كانت ذات طبيعة منزلية وعاطفية ولم تسبب للضحية خوفًا حقيقيًا على حياتها.
أسباب الإلغاء:
- وفي الواقع، ذهبت المحكمة إلى أبعد من الاتهام، حيث خلقت روايتها الخاصة للأحداث.
- لقد تم تجاهل الصراع القائم والدافع والحالة العاطفية للمتهمين بشكل كامل.
- ولم تقم المحكمة بتقييم مدة التهديدات ومحتواها وشدتها.
وأشارت المحكمة العليا إلى أن خوف الضحية هو عنصر موضوعي في الجريمة، ويجب تحليله في ضوء الأدلة، وليس استبعاده بسبب عدم الثقة دون تفسير.
الاستنتاجات. إن البراءة في محكمة الاستئناف ليست نهاية المطاف. في كثير من الأحيان، تقوم المحكمة العليا بمراجعة مثل هذا القرار وتشير إلى النهج الخاطئ الذي اتبعته المحاكم في فحص الأدلة ودوافع البراءة. وتتطلب المحكمة العليا بشكل منهجي إجراء تحليل كامل للأدلة ككل، وتجاهل حتى قطعة رئيسية واحدة من الأدلة دون مبرر يعد سبباً للإبطال.
بالنسبة لمحامي الدفاع، فهذه علامة على أنهم لا يحتاجون فقط إلى تحليل جميع الأدلة بالتفصيل وإثبات موقفهم في المحكمة، بل أيضًا العمل على دعم رواية العميل بأدلة خاصة بهم. وحينها فقط، وبالاشتراك مع أدلة أخرى، تستطيع محكمة النقض تأييد القرار.